المجتمع

تريم مدينة العلم والحضارة

يذكر المؤرخون أن تريم كانت في السابق عاصمة لحضرموت القديمة، وقد سميت باسم ملكها تريم بن حضرموت بن سبأ الأصغر، كما أنها كانت العاصمة الدينية لها منذ القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) وتزخر مدينة “تريم” الحضرمية بتاريخها الإسلامي الحافل بالعطاء الفكري والثقافي والديني ومعالمها المعمارية البارزة، وعلى ذكر اسمها تأتي رائحة الشعر لتعبق المكان، وتطل المآذن العالية فوق سفوح الجبال، وتمتد في الوادي سيرة رجال عظماء دخلوا التاريخ، ساهموا في نشر الإسلام في جنوب شرق آسيا، وهو ما أهلها لكي تختارها المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم “الإيسيسكو” في 2010 كعاصمة وتاريخياً فقد ذكر المؤرخون أنها كانت تضم (365) مسجداً و(300) مفتي من علماء الدين .

ومن أشهر المعالم الحضارية في تريم، منارة مسجد المحضار التي تعدّ من أهم المعالم الأثرية الإسلامية، التي بنيت من الطين عام 1222هــ الموافق 1801م حيث يصل ارتفاعها إلى 125 قدماً، وتم طلاؤها بالجير(النورة) وتعد آية فريدة في البناء والفن المعماري الحضرمي الأصيل، وتقع في قلب مدينة تريم .

كما تزخر تريم بالعديد من الآثار السياحية والقصور الفاخرة والتي جمعت في بنائها بين طراز الفن المعماري الحضرمي الأصيل والبناء الآسيوي والملاوي، كما جمعت في ثنايا ذلك بعض اللمحات اليونانية الغريبة ومن أشهر هذه القصور(عشه، التواهي، دار السلام، حمطوط، قصر الكاف، القبه. الخ).

وقد تولّت بعض الجمعيات المهتمة بالتراث محاولة ترميم وصيانة هذه المباني التاريخية، إلا أنها حتى هذه اللحظة لم تلقَ العناية الكافية للحفاظ عليها وصيانتها وترميمها، وتتميز هذه القصور بزخارفها ونقوشها ومنحوتاتها الخشبية العجيبة.  

 وتعد مدينة تريم مركزا يشع منه نور العلم والمعرفة ومركز إشعاع ثقافي منذ ظهور الإسلام، حيث استضافت العلماء فتباروا في الاجتهاد الفقهي، وبدأت الرحلات لنشر الدين الإسلامي من هذه الأراضي في نهاية القرن الخامس وبداية القرن السادس الهجري، حيث هاجر مجموعة منهم إلى الهند وإندونيسيا وسنغافورة والفلبين، وأسسوا معاهد علم وزوايا كانت حجر الأساس لنشر الدعوة في تلك البلدان

وتنتشر في هذه المدينة الصغيرة معاهد تحفيظ القرآن الكريم وتجويده وتلاوته، لذلك أطلق عليها المؤرخون وصف “مدينة العلماء”، فمنها تخرج عشرات علماء الدين المعاصرين ، ومنهم الشيخ عمر بن محفوظ، والشيخ زين العابدين بن عبدالرحمن الجفري، ولقد سميت أيضا بالمدينة الغنّاء لكثرة بساتينها قديما هذا شكلا، أما مضمونا فهي غنّاء لكثرة صلحائها وعلمائها وفقهائها ومثقفيها، وقد قال عنها الشاعر المعروف أبو بكر بن عبدالرحمن بن شهاب:

 بشراك هذا منار الحي ترمقه ** وهذه دور من تهوى وتعشقه

وهذه الروضة الغناء مهدية ** مع النسيم شذا الأحباب تنشقه

منقول بتصرف

Previous ArticleNext Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *