المجتمع

مطارات حضرموت قديما

ذكر الشيخ احمد عبدالقادر الملاحي في مذكرته الشحرية التاريخية: عمل الانجليز في خلال فترة وجودهم عدّة مطارات للطيران داخل حضرموت وساحله. فأول مطار هو مطار(الشحر) بجوار مسجد الشيخ فضل بحافة الخور من جهة غرب المسجد، ولكنهم ما استطابوا به لكثرة ما سقط فيه من الطائرات بدون سبب معلوم فتركوه واختاروا مطارا آخر في قرية(فوّه) ولم يستطيبوا به أيضا، فتركوه وعملوا مطارا ثالثا في قرية ريدة آل عبدالودود بالمشقاص اثناء الحرب العالمية الثانية، ولم يستطيبوا به أيضا، ثم اختاروا(ريدة الشجر) التي تعود ملكيتها للعوابثة والواقعة بقرب قرية الريّان، وهي قرية زراعية وبها نخيل كثير للقبائل الساحلية، فعملوا بها مطارا رابعا سمي(مطار الريان) بقرب السيف(الساحل). فاستطابوا بها كما استطابوا باسم الريان، فعمروها وبنوا فيها البنايات والمساكن والدوائر والمشارب والمقاهي والفنادق، وكان ذلك في سنة1360هـ، وجاءوا إليهم البدو والحضر للارتزاق، وتعاملوا معهم بالأجرة اليومية والشهرية. وكان أكثرهم من أهالي قرية شحير القريبة من هذا المطار، فاستفاد البدو والحضر بمعاملتهم واستراحوا، وبنوا لهم المساكن والدكاكين والمقاهي خارج منطقة الطيران وكثر بها الناس رجالا ونساء، فتطوع أحد الضباط الهنود من البنجاب الباكستانيين الموظفين عند الانجليز فبنى لهم مسجدا يقيمون به شعائر الاسلام، وبجوار هذا المسجد بئر قديم ماؤه عذب الطعم برغم قربه من ساحل البحر.
وفي وادي حضرموت أقام الانجليز مطارا في مدينة القطن ثم مطار في مدينة الغرف بالقرب من مدينة تريم طول مدرجه الرملي 1400 ياردة ، كان يستقبل ثلاث طائرات أسبوعياً ، من طراز الداكوتا ، التي ما تكاد عجلاتها تلامس الأرض حتى يتجه إليها الأهالي على سيارات اللاندروفر وظهور الحمير فيستظلون تحت أجنحتها ، وهم يشهدون القادمين والمسافرين .. إنها والوسيلة الوحيدة لاحتكاكهم بالعالم الخارجي.
وعندما تهبط الطائرة وعند المغادرة تعلو الأتربة والغبار فلا يرى الأنسان غيره من شدة الغبار. وقد كان المرحوم كرامة سالم بايعشوت قد أفتتح مقصفا متواضعاً يبيع فيه الشاي وهذا في وقت قريب ثم ظهرت سيارتان لنقل بعض المسافرين الذين لا يوجد لهم مستقبلين فالسائق الأول يسر بن عوض العامري والسائق الثاني علي بن هادي العامري فهما الملاذ الأمن للمسافر الذي لا مستقبلين له حيث ينقلونهم الى بيوتهم باجر زهيد جداً ربما لا يزيد على عشرة شلن أن بعدت المسافة أما المسافرون من الغرف القادمين عبر المطار فكانوا يذهبون الى بيوتهم مشيا على الاقدام بصحبتهم ابناء القرية فرحين بمقدمهم فتزغرد النسوة عند اقترابهم الى بيوتهم ويهب الناس لاستقبالهم. وكثيراً ما كان الاطفال في قرية الغرف عندما تمر الطائرة وهي على علو منخفض يرفع بعض الأطفال عقيرته إذا كان ابوه مغتربا قائلاً :- يا طائره هاتي أبويه!
لقد كان الطيران بدائي الصناعة الا أن حوادثه لا تذكر ومن الطائرات المستخدمة آنذاك ( طائرة الداكوتا ) ذات محركين أما ذات اربع محركات فلا تهبط الا في المكلا ، ومرة أقترب الطيار من مبنى المطار وأصاب جناح الطائرة الركن الشمالي وأحدث ضرراً طفيفا. موقع المطار حالياً أصبح مبنى جامعة حضرموت وكلية العلوم التطبيقية بالغرف.

سامي بن شيخان
Previous ArticleNext Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *